كيفية تعديل سلوك الطفل العنيد والعصبي

كيفية تعديل سلوك الطفل العنيد والعصبي

محتويات المقال

في رحلتي الطويلة مع الأطفال على مدار أكثر من 20 عاماً في مجال تعديل السلوك، تعلمت أن الطفل العنيد والعصبي لا يحتاج إلى صراخ أو عقاب قاسٍ، بل يحتاج إلى فهم عميق وصبر حقيقي. التعامل مع هذا النوع من الأطفال قد يكون مرهقاً، لكنه في الوقت نفسه فرصة عظيمة لبناء شخصية قوية ومتزنة إذا أحسنا التوجيه.

أولا: افهم جذور العناد والعصبية

العناد والعصبية ليسا عيبًا في شخصية الطفل، بل هما رسالة يحاول أن يوصلك بها إلى شيء:

  • قد يكون الطفل يبحث عن الاستقلالية وإثبات ذاته.

  • أحيانًا يكون العناد تعبيرًا عن الإحباط لعدم قدرته على التعبير بالكلمات.

  • في حالات أخرى، تكون العصبية ناتجة عن احتياجات غير ملباة، مثل الشعور بعدم الفهم أو فقدان الأمان.

قبل أن ترد على السلوك، اسأل نفسك:
ماذا يحاول طفلي أن يخبرني من خلال هذا التصرف؟

ثانياً: حافظ على هدوئك مهما كان الموقف

أكبر خطأ يقع فيه المربون هو أنهم يواجهون العصبية بالعصبية. تذكر دائمًا:
لا يمكنك أن تطفئ النار بالنار.

عندما تجد طفلك عنيدًا أو يدخل في نوبة عصبية:

  • خذ نفساً عميقاً.

  • اجلس إلى مستواه (انزل بجسمك إلى مستوى عينيه).

  • تحدث معه بنبرة صوت هادئة وواثقة.

بهذا الشكل، أنت تعلّمه من خلال تصرفك كيف يدير غضبه، دون الحاجة لكلمات كثيرة.

ثالثاً: امنح الطفل اختيارات بدلًا من الأوامر

الطفل بطبعه يحب أن يشعر بالتحكم في عالمه.
بدلًا من أن تقول له:
❌ “البس هدومك دلوقتي وإلا!”
قل له:
✅ “تحب تلبس التيشيرت الأزرق ولا الأحمر؟”

عندما تعطيه مساحة للاختيار، تقل مقاومته بشكل تلقائي، لأنه يشعر بأنه صاحب القرار.

رابعاً: ضع حدوداً واضحة، لكن بدون تهديد

الأطفال يحتاجون للحدود كي يشعروا بالأمان، لكن الأسلوب مهم جداً:

  • بدل التهديد بـ لو ما عملتش كده هتشوف!

  • استخدم قاعدة: “أنا أحبك مهما حدث، لكن هناك قواعد واضحة.”

مثلاً:
أنا بحبك سواء زعلت أو فرحت، بس القاعدة هنا إننا بنتكلم بهدوء.

خامساً: امدح السلوك الجيد فور حدوثه

الطفل يحتاج أن يسمع منك أنك تلاحظ أفعاله الجيدة.
لو لاحظت أنه تعامل بهدوء أو استجاب لطلبك حتى لو بدرجة بسيطة، امدحه فورًا.
كلمات مثل:

  • “أنا فخور بيك إنك سمعت الكلام.”

  • “عجبني إنك كنت هادي لما زعلت.”

هذه العبارات الصغيرة تزرع داخله شعورًا بالإنجاز وتحفّزه على تكرار السلوك الجيد.

نصيحة ذهبية من خبرتي

“العناد والعصبية عند الأطفال، إذا عولجا بطريقة صحيحة في الصغر، يصنعا قادة رائعين في الكبر.”
لذلك لا تنظر لسلوك طفلك كعقبة، بل كفرصة عظيمة لتشكيل شخصية قوية تعرف كيف تعبر عن نفسها بطريقة صحية.

ما أسباب العناد والعصبية عند الأطفال؟
ما أسباب العناد والعصبية عند الأطفال؟

على مدار أكثر من 20 عاماً في التعامل مع الأطفال وأسرهم، أدركت أن العناد والعصبية ليسا مجرد صفات سلبية كما يعتقد البعض، بل هما نتيجة طبيعية لعوامل متعددة تتداخل مع بعضها البعض. دعونا نفهم الأسباب بعمق.

1. البحث عن الاستقلالية وإثبات الذات

الطفل بطبيعته كائن يتطور بسرعة، ويبدأ في مرحلة معينة، خصوصًا بين عمر السنتين والست سنوات، بمحاولة التأكيد على ذاته واختبار قدراته. عندما يرفض الطفل تنفيذ الأوامر أو يُصرّ على رأيه، فهو لا يتحدى الأهل بقدر ما يحاول أن يقول: “أنا موجود، لدي رأي”. هذه حاجة نفسية طبيعية، لكنها قد تظهر في شكل عناد إذا لم تُفهم بشكل صحيح.

2. التقليد والمحاكاة

كثيرًا ما يقلد الأطفال سلوك من حولهم دون وعي. فإذا نشأ الطفل في بيئة يغلب عليها العصبية أو العناد أو الصراخ، ستجده يتبنى نفس الأساليب كطريقة للتعبير عن نفسه. الأسرة هي المدرسة الأولى في حياة الطفل، وطريقة تواصل الوالدين مع بعضهما ومع أبنائهما تترك أثرًا أعمق مما يتصور الكثيرون.

3. طريقة التربية الخاطئة

أسلوب التربية له تأثير مباشر؛ فالأساليب التي تعتمد على السيطرة المفرطة أو القسوة أو فرض الأوامر دون تفسير أو نقاش، تدفع الطفل دفعًا إلى العناد كنوع من الدفاع عن النفس. بالمقابل، أسلوب التربية المتساهل جدًا قد يجعل الطفل لا يحترم القواعد ولا يعتاد الالتزام.

ملاحظة مهمة: كثير من الأهل يظنون أن تعديل سلوك الطفل يتم فقط بالنصائح العامة، بينما في الواقع، فهم أسس تعديل السلوك يحتاج إلى وعي تربوي عميق قد لا يتوفر إلا من خلال التعلُّم الجاد والاطلاع على دورات تدريبية متخصصة.

4. المشكلات النفسية أو الصحية

أحيانًا يكون وراء العصبية والاندفاع عند الطفل أسباب أعمق مثل:

  • معاناة من اضطرابات في التركيز والانتباه.

  • فرط الحركة.

  • مشاعر القلق أو الإحباط الداخلي.

هنا يكون السلوك العنيف أو العناد رسالة استغاثة تحتاج إلى فهم واستجابة حكيمة.

5. قلة المهارات الاجتماعية والتواصلية

الطفل قد يكون عنيدًا أو عصبيًا لأنه ببساطة لا يعرف كيف يطلب ما يريد بطريقة مقبولة. الأطفال الذين لم تُنمَّ لديهم مهارات التعبير عن المشاعر، قد يستخدمون البكاء أو الصراخ أو العناد كلغة بديلة عن الكلام.

6. التغييرات الكبيرة في حياة الطفل

انتقال إلى منزل جديد، قدوم أخ جديد للعائلة، انفصال الأبوين، أو حتى دخول الحضانة لأول مرة… كلها تغيرات تهز شعور الطفل بالأمان، وقد يظهر هذا الاضطراب عبر سلوك عنيد أو عصبي.
حين نُدرك أن وراء كل سلوك ظاهر رسالة غير منطوقة، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع أطفالنا برحمة وذكاء.
ومن أراد أن يقدم لأطفاله أفضل دعم، فعليه ألا يكتفي بالمعلومات السطحية، بل يستثمر وقته في تعلُّم مهارات تعديل السلوك بطريقة علمية وعملية، ليصبح هو نفسه مصدر الأمان والنمو السليم لطفله.

ما هي سمات سلوك العناد عند الأطفال؟

حين نتحدث عن العناد عند الأطفال، يجب أن نكون دقيقين في الفهم؛ ليس كل رفض أو إصرار عنادًا سلبيًا، وليس كل عناد سلوكاً يحتاج إلى تصحيح فوري.
من خلال خبرتي الطويلة، أستطيع أن أحدد لك السمات التي تميز سلوك العناد الحقيقي عند الأطفال:

1. الإصرار المستمر على الرفض

الطفل العنيد يرفض الطلبات بشكل متكرر، حتى وإن كانت بسيطة أو مألوفة.

مثال عملي:

  • تطلب من طفلك أن يرتدي الحذاء للخروج، فينظر إليك ويتجاهل تماماً، أو يقول بوضوح: لا، مش عايز!.

  • حتى مع الإقناع أو التكرار، يستمر في الرفض دون سبب منطقي.

2. الجدال والتمسك بالرأي

الطفل العنيد لا يكتفي بالرفض، بل يبدأ في الجدال ومحاولة إثبات أن رأيه هو الصحيح مهما كانت الظروف.

مثال عملي:

  • تطلب منه إنهاء وقت اللعب والدخول للنوم، فيبدأ يقنعك بأن “لسه بدري” أو “أنا مش تعبان”، حتى لو كانت الساعة متأخرة جدًا.

3. التحدي الواضح للسلطة أو القواعد

تجد الطفل يتعمد خرق القواعد التي يعرفها جيداً، لا لأنه لم يفهمها، بل لأنه يريد اختبار رد فعلك.

موقف شهير:

  • تعرف أن القاعدة في البيت “لا نلعب بالكرة داخل المنزل”، ورغم تكرار التحذير، يمسك الكرة ويبدأ اللعب أمامك مباشرة وكأنه يقول: “تعال شوف هتعمل إيه”.

4. العناد في أبسط التفاصيل

أحيانًا يظهر العناد في تفاصيل صغيرة جدًا وغير منطقية، مما يجعل الأهل يشعرون بالإرهاق.

أمثلة:

  • يرفض ارتداء الجاكيت في يوم بارد جدًا، مع أنه كان يشعر بالبرد قبل دقائق.

  • يصر على لبس الحذاء بالعكس ويرفض تصحيحه.

  • يريد أن يأكل بطعام معين، وحين يحصل عليه، يقرر فجأة أنه لا يحبه.

5. نوبات الغضب المفاجئة والعنيفة

عندما يشعر الطفل أن الأمور لا تسير كما يريد، قد ينفجر في نوبة بكاء أو صراخ أو حتى ضرب الأشياء.

مثال عملي:

  • تطلبين منه أن يغلق شاشة التابلت بعد انتهاء الوقت المسموح، فيرمي التابلت أو يصرخ بأعلى صوته بطريقة مفاجئة.

    تلميح تربوي:
    قد تبدو هذه السلوكيات مرهقة، لكنها في الحقيقة “مؤشرات” طبيعية في مراحل نمو معينة. الفرق بين طفل يتخطى هذه المرحلة بسلاسة وآخر تزداد مشكلاته هو كيفية تعامل الأهل مع هذا العناد.
    لذلك من المهم لكل ولي أمر أن لا يكتفي بالملاحظة فقط، بل يسعى لتطوير فهمه عبر التعلم من المتخصصين، لأن معرفة الطرق الصحيحة في تعديل السلوك تصنع فرقاً كبيرا في حياة الطفل وفي مستقبل علاقته مع والديه.

متى يكون عناد الطفل غير طبيعي؟

في كل بيت تقريبًا، ستجد طفلاً عنيدًا بطريقته الخاصة. تارةً يرفض تناول طعامه، وتارةً يصرخ إذا لم يحصل على لعبته المفضلة، وأحيانًا يجادلك لساعات حول لماذا لا يجب عليه النوم مبكرًا.
هذه المشاهد تبدو مألوفة ومقبولة ضمن الحدود الطبيعية لتطور شخصية الطفل.
ولكن، من واقع خبرتي الطويلة، رأيت حالات معينة توقفني وتجعلني أنبه الأهل فورًا: “هنا يجب أن ننتبه أكثر… هذا العناد لم يعد عادياً”.

قبل عدة سنوات، جاءتني أم تشكو طفلها ذي الخمس سنوات. كانت تحكي بتعب شديد:

ابني مش بس عنيد… أنا حاسة إنه بيكره أي طلب مني، كل حاجة أطلبها لازم يعمل عكسها، ولما بزعل أو أعاقبه، مش بيهتم خالص! بيبص لي ببرود كأنه مش شايفني، وأوقات يقعد يضحك وأنا بتكلم معاه.

حين بدأت أراقب تصرفات الطفل، لاحظت أن عناده تجاوز فكرة إثبات الذات، وأصبح وسيلة دائمة لرفض أي تواصل أو التزام بأي قاعدة، حتى تلك البسيطة جدًا، مثل ارتداء الحذاء للخروج أو غسل اليدين قبل الأكل.
الفرق بين العناد الطبيعي والغير طبيعي يبدأ من هنا: عندما يتحول العناد إلى سلوك دائم، غير مرن، مصحوب بتجاهل أو برود تجاه النتائج أو العقوبات.

الطفل الطبيعي قد يعاند لأنه يريد شيئًا، لكنه في النهاية يستجيب باللين أو الإقناع أو حتى بالعقاب المناسب. أما الطفل الذي يظهر عنادًا “غير طبيعي”، فهو لا يستجيب لا بالكلام، ولا بالنقاش، ولا حتى بعد تكرار العقوبات. يبدو وكأنه “مغلق على نفسه”، يكرر نفس السلوك مرارًا بطريقة تؤثر على حياته اليومية: علاقاته مع الأهل، تعليمه، وحتى تواصله مع أصدقائه.

تذكرت موقفًا آخر مع أم أخرى كانت تبكي بحرقة. تقول لي:

ابني بقى عنده 6 سنين، ولا يقبل كلمة لا. يثور، يكسر، يصرخ… وأوقات بيجرح نفسه لما بنمنعه من شيء مش عاجبه. مش عارفة أتصرف.”

هذه الحالة كانت أخطر. هنا لم يعد العناد مجرد “موقف”، بل بدأ يأخذ شكل اضطراب سلوكي واضح، مثل اضطرابات التحدي والمعارضة (ODD)، والتي تحتاج إلى تدخل مبكر من متخصصين.

العلامات التي تجعلنا نقول إن العناد أصبح غير طبيعي تشمل:

  • استمرارية السلوك لفترات طويلة دون تحسن.

  • تأثيره السلبي على علاقات الطفل بأسرته أو مدرسته.

  • اقتران العناد بنوبات غضب مفرطة أو تصرفات مؤذية للنفس أو للآخرين.

  • اللامبالاة الكاملة بالعواقب مهما كانت.

وهنا أريد أن أهمس لكسر بعض المفاهيم الخاطئة:
التعامل مع هذا النوع من العناد لا يتم بالنصائح العامة المنتشرة أو بحلول سريعة نسمعها من الأصدقاء أو وسائل التواصل.
إنما يحتاج الوالدين أن يُبحروا أكثر في فهم نفسيات الأطفال وأساليب تعديل السلوك الحديثة، وربما يحضروا دورات متخصصة، لأن المهارة التربوية هنا أصبحت ضرورة وليست رفاهية. من يعرف كيف يوجه السلوك بطريقة علمية، يستطيع أن ينقذ ابنه من مشكلات قد تمتد إلى مرحلة المراهقة والشباب.

كلما التقطنا إشارات الخطر مبكرًا، كلما استطعنا أن نصنع فارقًا حقيقيًا في حياة الطفل… دون أن يشعر أن العالم كله يحاول تقييده أو كسره.

كيف أعرف أن ابني يحتاج إلى تعديل سلوك؟
كيف أعرف أن ابني يحتاج إلى تعديل سلوك؟

في كل جلسة استشارة كنت أستقبل فيها والدين قلقين، كان أول سؤال تقريباً دائماً هو:

“إحنا مش عارفين… هل اللي بيعمله ابننا طبيعي؟ ولا إحنا بنبالغ؟”

وهذا سؤال طبيعي جدًا، لأن الأهل دائمًا يقعون بين الخوف من تضخيم الأمور، وبين القلق من تجاهل شيء مهم.

كنت أجيبهم دائماً بسؤال آخر:

“هل تصرفات ابنكم بتأثر سلبًا على حياته اليومية أو علاقتكم به أو مستواه الدراسي والاجتماعي؟”

لأن ببساطة، عندما يصبح السلوك عائقًا أمام تطور الطفل، فهذه أقوى علامة أن الطفل يحتاج لتدخل متخصص في تعديل السلوك.

دعني أحكي لك قصة صغيرة:
أم اسمها “سارة” جاءت تحكي عن طفلها “آدم”، عمره خمس سنوات. قالت لي:

“آدم عنيد وعصبي زي أي طفل، لكن مؤخرًا بقى عنيف مع أخته الصغيرة، يضربها بدون سبب، يصرخ بدون مقدمات، وكل لما نحاول نعاقبه، بيبقى أكثر شراسة! وأوقات في المدرسة بيتخانق مع أصحابه.”

هنا توقفت قليلًا وسألتها:

آدم بيتجاوب مع التعليمات البسيطة زي غسل اليدين؟ ترتيب ألعابه؟”

ردت بسرعة:

لا… لازم نعيد الكلام ٥ أو ٦ مرات، وبرضه مابيعملش اللي بنطلبه، وكأننا مش موجودين أصلاً.

هنا كان واضحًا أن الطفل لا يعاني فقط من تصرفات “طفولية”، بل من مشكلة سلوكية حقيقية تتطلب تعديلًا.
عندما تجد أن طفلك:

  • لا يحترم القواعد بشكل متكرر ومتعمد.

  • يتجاهل التوجيهات أو الأوامر بشكل مستمر رغم الشرح والتكرار.

  • يلجأ للسلوك العدواني لحل مشاكله.

  • يتصرف بعنف مفرط عند الشعور بالإحباط أو الرفض.

  • لا يستجيب للعقوبات أو التشجيع لفترات طويلة.

فهذه مؤشرات قوية أن هناك حاجة ماسة للتدخل.

هناك أمهات وآباء يقضون شهورًا أو حتى سنوات وهم يحاولون “يتصرفوا بطريقتهم”، يسمعون نصيحة من قريب، أو يبحثون عن حلول سريعة على الإنترنت، لكن الواقع أنهم يدورون في نفس الدائرة.

عشان كده — ومن خلال تجربتي الطويلة — دايمًا أنصحهم بطريقة لطيفة:

التربية مش بس فطرة… التربية علم ومهارة. واللي عايز يساعد ابنه بجد، لازم يتعلم الأدوات الصح. كورسات تعديل السلوك أو حتى استشارات تربوية مش مجرد رفاهية، دي استثمار في بناء شخصية قوية وسوية لابنك.

مرة تانية، القاعدة الذهبية:
لو حسيت إن سلوك ابنك بدأ يأثر على يومه، وعلاقاته، وعلى علاقتك بيه، يبقى لازم تتحرك، وتتعلم كيف تعدل سلوكه بطريقة علمية محترفة.

تخيل بس معايا لما تتعلم إزاي تخلق بيئة داعمة، وتستخدم استراتيجيات ذكية تخلي ابنك يستجيب بدون صراخ ولا عقاب قاسي…
صدقني، الشعور ده لا يوصف، وتحس إنك فعلاً بترسم مستقبل مختلف لطفلك.

ما هو أفضل عقاب للطفل العنيد؟

أذكر يوماً جاءتني أم في قمة الإحباط، كانت تقول:

“جربت كل حاجة مع ابني… ضربته، صرخت عليه، حرمتُه من المصروف، منعت عنه التابلت… وكل مرة يرجع أعند من الأول! حسّيت إني بفقد السيطرة ومش فاهمة أتصرف إزاي!”

ابتسمتُ بهدوء، وقلت لها جملة دائماً ما أبدأ بها مع الأهالي:

“الطفل العنيد لا يزيده العقاب العنيف إلا عناداً. والأطفال يتعلمون من أفعالنا أكثر مما يتعلمون من كلماتنا.”

في الحقيقة، أفضل عقاب للطفل العنيد ليس الضرب، ولا التهديد، ولا الصراخ، بل هو استخدام “العواقب الطبيعية والمنطقية” بطريقة ذكية تجعله يشعر بالمسؤولية تجاه تصرفاته.

دعني أوضح بموقف عملي:

لو طفلك أصر على رمي ألعابه وكسرها، بدل ما تصرخ عليه أو تحرمه من الخروج مثلًا، خلي العاقبة مرتبطة بسلوكه:

“لأنك كسرت لعبك، مش هيكون عندك لعبة جديدة لفترة، وهتستخدم الألعاب المتاحة بس.”

لاحظ هنا، لم تغضب، لم تصرخ، لم تستخدم التهديد… فقط ربطت بين السلوك والنتيجة الطبيعية.
مع تكرار هذا النمط، يبدأ الطفل يفهم أن اختياراته لها تبعات، وأنه يتحمل مسؤولية أفعاله بنفسه.

مثال آخر:
طفل يرفض ارتداء ملابس مناسبة للطقس البارد رغم تحذيراتك؟
لا تصر وتتحول المسألة لمعركة… ببساطة، دعه يشعر بالبرد قليلًا (طالما الأمر ليس خطرًا)، ليتعلم أن قراراته لها نتائج طبيعية.

مرة حضرت جلسة مع أب وأم كانا يشتكيان من ابنهما البالغ ٧ سنوات، الذي يرفض إنهاء واجباته الدراسية.
كان الحل أن اتفقنا مع الطفل:

“لو ما خلصتش الواجب، مش هتروح النادي تلعب مع أصحابك بعدين.”

ولم يكن تهديدًا، بل تطبيق مباشر للعواقب. الطفل في البداية عاند، لكنه مع الوقت بدأ يتعلم أن الاستمتاع مرتبط بالالتزام.

دعني أكون صريحًا أكثر:
العقاب الذي يبني الطفل هو الذي:

  • يكون واضحًا ومحددًا من البداية.

  • مرتبط بالسلوك السيئ، مش بأي شيء عشوائي.

  • يتم تطبيقه بهدوء تام، دون غضب أو صراخ.

  • يمنح الطفل فرصة للفهم وإصلاح خطئه، بدلًا من إذلاله أو إحراجه.

الطفل العنيد بطبيعته يحب التحدي والمواجهة. فإذا استخدمت العنف أو الصراخ، فأنت تعطيه فرصة لإثبات قوته عليك. أما عندما تستخدم العواقب الذكية، فأنت تحوله من خصم إلى حليف، وتحفزه على التفكير وتحمل المسؤولية.

أحب أن أختم هذا الجزء بنصيحة ثمينة دائمًا ما أكررها للأهالي في ورش العمل:

“لو عايز تربي طفل قوي الشخصية ومسؤول، لازم تتعلم أنت الأول فن استخدام القواعد والعواقب بدون عنف. عشان كده، تثقيف الأهل في مجال تعديل السلوك مش رفاهية… دي مهارة حياتية أساسية لكل أب وأم واعيين.”

كيفية التعامل مع الطفل العنيد والعصبي في أعمار مختلفة ٤ سنوات، 5 سنوات ,٧ سنوات، ١٠ سنوات

في عالم الأطفال، تختلف التصرفات باختلاف الأعمار، فما يبدو طبيعياً لطفل في عمر ٤ سنوات قد يكون علامة تحذير في عمر ٧ أو ١٠ سنوات، لذلك التعامل مع الطفل العنيد والعصبي لا يكون بوصفة واحدة تناسب الجميع، بل يحتاج لفهم دقيق للمرحلة العمرية واحتياجاتها النفسية.

أذكر أنني قابلت أمًا لطفل في عمر ٤ سنوات، كانت تحكي وهي في قمة الإرهاق:

“ابني بيصرخ ويقع على الأرض لو قولتله لا، وأوقات يضربني بإيده وهو زعلان، ومهما حاولت أهدّيه، بيزيد عناد أكتر!”

في عمر ٤ سنوات، من الطبيعي أن يبحث الطفل عن إثبات نفسه. يريد أن يشعر أن له رأي، أن يتحكم في بعض قراراته.
الحل هنا ليس في كسر إرادته بالصراخ أو الضرب، بل بالاحتواء والخيارات الذكية.

مثال عملي:
لو رفض أن يرتدي ملابسه للذهاب للمدرسة، بدل أن تقول له:

البس حالًا وإلا هنقعد في البيت!

قل له بهدوء:

تحب تلبس البلوزة الزرقاء ولا الحمراء؟

هنا أنت مازلت تتحكم بالموقف، لكنك تمنحه شعورًا بالاختيار، فتتجنب المعركة من الأساس.

أما في عمر ٧ سنوات، فالأمر يبدأ يأخذ شكلاً آخر.
الأطفال هنا يبدأون يفهمون النظام والقواعد، ويتوقع منهم قدر من الالتزام.
وأتذكر حالة “ليلى”، فتاة جميلة تبلغ ٧ سنوات، كانت أمها تقول:

ليلى ترد عليا بطريقة جارحة، وتصر على تنفيذ اللي في دماغها حتى لو عارفة إنه غلط!

في هذه المرحلة، علينا أن نستخدم أسلوب “النتائج المنطقية” وتعزيز السلوك الإيجابي أكثر.
مثلًا: إذا أساءت التصرف أو كانت عنيدة، بدلاً من التوبيخ أو التهديد، نستخدم أسلوب الحوار الذكي.
أجلس مع الطفلة، وأنظر في عينيها، وأقول بلغة هادئة:

أنا شايف إنك لما بتتعاملي بأسلوب كويس، بتحصلي على اللي بتحبيه أسرع… عايزين نحاول نصلح مع بعض بدل ما نخسر حاجات حلوة؟

وصدقني، مع الممارسة والثبات على هذا الأسلوب، سترى تغييرًا حقيقيًا.

أما بالنسبة للأطفال في عمر ١٠ سنوات، فالعناد غالبًا يرتبط بشعورهم بالحاجة للاستقلالية.
حدث معي موقف مع طفل اسمه “أدهم”، كان عمره ١٠ سنوات وكان يقول لوالده أمامي:

أنا مش صغير! مش لازم تقول لي أعمل إيه كل شوية!

هنا العناد لم يكن تمردًا بقدر ما كان نداءً للاستقلال والثقة.

في هذه المرحلة، التعامل المثالي يكون عبر فتح قنوات حوار حقيقية:

  • استمع لرأيه.

  • شاركه في وضع بعض القواعد.

  • امدحه عندما يتصرف بمسؤولية.

مثال: لو رفض ترتيب غرفته، بدلاً من العقاب الفوري، اجلس معه واتفقا معاً:

ممكن نحدد مع بعض وقت كل يوم لترتيب الغرفة؟ أنت تختار الوقت اللي يناسبك، وأنا أثق إنك هتلتزم.

ومع الوقت، ستجد أن الطفل يلتزم أكثر لأنه شعر أنه مشارك في القرار وليس مجرد منفذ للأوامر.

وهنا أحب أن أوضح للأهالي فكرة مهمة بطريقة غير مباشرة:
التعامل مع الأطفال خصوصًا العنيدين، يحتاج علم ومهارة حقيقية.
مش كل موقف تحله بالغريزة أو النية الطيبة.

لماذا طفلي عصبي ويصرخ كثيراً؟

في إحدى الجلسات، جاءتني أم يبدو على ملامحها الحزن والتعب الشديد، وقالت لي:

ابني طول الوقت بيصرخ لأي سبب! لو لعبته وقعت، لو قلت له كلمة مش عاجباه، لو طلب حاجة ورفضتها، تلاقيه بقى يصرخ ويبكي بهستيريا! حسيت إن البيت بقى ساحة معركة، ومش قادرة أسيطر عليه خالص.

ابتسمت وقلت لها بهدوء:

تعالي نفهم مع بعض ليه الأطفال بيصرخوا قبل ما نحكم عليهم.

بصراحة، الطفل لما بيصرخ مش بيكون هدفه “يتعبنا” أو “يستفزنا” زي ما ناس كتير بتتصور.
الصراخ عند الطفل له أسباب عميقة:

🔵 أولًا: قلة المهارات التعبيرية
الطفل الصغير أو حتى في سن المدرسة، أحيانًا لا يعرف كيف يعبر بالكلام عن ضيقه أو غضبه أو إحباطه.
فالصراخ هو “لغته الطارئة” لما يعجز لسانه عن التعبير.

تخيل أنك كبير وتعيش موقف محبط جدًا، ولا تعرف توصل مشاعرك بالكلام… ماذا ستفعل؟
ستنفجر! وهذا بالضبط ما يحدث مع الطفل.

مثال عملي:
طفل عمره ٤ سنوات عايز يلعب بلعبة معينة، لكن مش عارف يشرح اللي عايزه، فيبدأ يصرخ ويشد في الأشياء حوله.

🔵 ثانيًا: البحث عن الانتباه
في بعض الحالات، الطفل لما يلاحظ إن ماما أو بابا لا يعطونه انتباهاً كافيًا إلا لما يصرخ، يتعلم بدون ما يشعر إن الصراخ وسيلة فعالة لجذب الانتباه.

مرة كنت أتابع حالة لطفلة عمرها ٧ سنوات، كانت أمها مشغولة طول اليوم بين العمل والهاتف.
البنت لما كانت تتكلم بهدوء ما حدش يسمعها، لكن لما تصرخ الكل يلتفت لها.
بالتدريج، تعلمت أن الصراخ هو الطريق السريع للحصول على اهتمام الآخرين.

🔵 ثالثًا: البيئة المتوترة
لو الجو العام في البيت فيه صراخ، أو صدامات مستمرة، أو ضغط نفسي، الطفل يمتص هذه الطاقة السلبية ويتحول إلى مرآة حية لما يحدث حوله.

واحدة من الأمهات حكيت لي موقفها:

أنا وجوزي كتير بنتخانق بصوت عالي قدام ابني، وهو بقى كل ما يزعل، يزعق زينا بالضبط!

الطفل هنا لا يتعمد العصبية، بل يقلد البيئة التي نشأ فيها.

🔵 رابعًا: مشاعر مكبوتة غير مفهومة
في أحيان كثيرة، الطفل يعاني من قلق، خوف، أو إحساس بالظلم لكنه لا يعرف تفسير مشاعره.
فيترجم كل ذلك إلى صراخ وعصبية.

مثال حي:
طفل تم نقل مدرسته فجأة دون أن يشرح له أحد السبب، يشعر بالضياع والخوف، ويبدأ يظهر سلوكه في صورة صراخ متكرر لأسباب تافهة ظاهريًا.

طيب، كيف أتصرف؟

  • أول شيء: خليك هادئ. لا تصرخ عليه لأنك هتدخل معاه في حلقة مفرغة من الصراخ.

  • اقترب منه لمستواه، انظر في عينيه، وتحدث بنبرة هادئة:  أنا عارف إنك متضايق… قولي لي عايز إيه بهدوء وأنا هسمعك.”

  • عزز تعبيره بالكلمات بدل الصراخ: لو عايز حاجة، تعالى قوليها بهدوء بدل ما تصرخ.”

  • خصص وقت يومي للجلوس معه، بدون موبايل أو انشغال، بس علشان يسمعك وتحسسه إنه مهم عندك حتى بدون صراخ.

  • حاول تفهم مشاعره الحقيقية خلف الصراخ: “هل هو حزين؟ مضغوط؟ يشعر بالإحباط؟”

أهم حاجة: كن قدوة.
لو شافك تتعامل مع الغضب بهدوء، هيتعلم مع الوقت نفس السلوك.

وأحب أفكرك بنصيحة ذهبية:

التعامل مع صراخ الأطفال وعنادهم مش مهارة فطرية، دي مهارة لازم تتعلمها. وكل ما فهمت علم تعديل السلوك أكثر، كل ما كانت حياتك وأسرتك أكثر سعادة وهدوء.”

مش بس أولادك يستحقوا تربية أفضل، أنت كمان تستحق تعيش مع أولادك حياة خالية من معارك الصراخ والعناد.

ما هي عواقب معاقبة الطفل بالضرب؟

أتذكر جيداً حين جاءتني أم تبكي بحرقة، وقالت لي:

أنا كنت فاكرة إن الضرب هيعدل سلوك ابني… كنت كل ما يغلط أضربه على إيده أو رجله. لكن دلوقتي ابني بقى عنيد أكتر، وبقى بيكذب علشان يهرب من العقاب، وحسيت إنه بقى يخاف مني بدل ما يحبني.

للأسف، كثير من الأهالي يعتقدون أن الضرب وسيلة فعّالة لضبط السلوك، بينما الحقيقة أن الضرب يؤذي الطفل نفسيًا بطريقة أعمق بكثير مما يتخيلون.

تعالوا نحكي بتفصيل واقعي:

🔵 أولًا: الضرب يزرع الخوف… لا الاحترام
الطفل الذي يتعرض للضرب لا يتعلم لماذا ما فعله كان خطأ، بل يتعلم أن يتجنب الوقوع أو ينكر أفعاله خوفًا من العقاب.

مثال حي:
طفل كسر كوبًا بالخطأ. لو عومل بعنف وضُرب، في المرة القادمة سيكذب أو يخبئ الحادثة، بدل أن يعتذر ويتعلم من خطئه.

🔵 ثانيًا: الضرب يقتل الثقة بين الطفل وأهله
تخيل أنك صغير، وأقرب الناس لك (أهلك) يؤذونك جسديًا حين تخطئ…
متى ستشعر بالأمان معهم مرة أخرى؟
الطفل الذي يتعرض للضرب يشعر أن بيته ليس مكانًا آمنًا له، فيكبر وهو يحمل مشاعر خوف وعداوة مكبوتة تجاه والديه.

🔵 ثالثًا: الضرب يعلم الطفل أن العنف هو الحل
رأيت طفلًا في عمر ٨ سنوات في مدرسته، كان يضرب أصدقاءه لمجرد أنهم اختلفوا معه على لعبة.
عندما جلسنا نحاوره، قال ببراءة:

بابا بيضربني لما أغلط، وأنا بعمل زي بابا!

هنا ندرك أن الضرب لا يُعلّم الانضباط، بل يزرع ثقافة العنف كوسيلة للتواصل.

🔵 رابعًا: الضرب يؤثر على تقدير الطفل لذاته
الطفل المضروب يشعر أنه “سيء”، “غير محبوب”، “مش كفاية”، حتى لو لم يقلها بلسانه.
ومع تكرار الضرب، تتكون داخله صورة مشوهة عن نفسه، فينمو بشخصية مهزوزة أو عدوانية.

🔵 خامسًا: الضرب يؤدي إلى مشكلات نفسية مستقبلية
أظهرت الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب أكثر عرضة للإصابة بالقلق، الاكتئاب، وصعوبات في تكوين علاقات صحية لاحقًا.

ماذا أفعل بدلاً من الضرب؟

  • استخدم العواقب الطبيعية: لو لم يرتب ألعابه، ببساطة احرمْه من اللعب بها لفترة.

  • اعتمد على الحوار والتوجيه بدل الصراخ.

  • اجعل العقاب مناسبًا للسلوك وبطريقة تحترم كرامة الطفل: مثل تقليل وقت مشاهدة التلفزيون، أو حرمان من مكافأة معينة.

  • تذكّر دائمًا: هدفنا ليس كسر الطفل… بل تعليمه وتحسين سلوكه مع الحفاظ على حبه وثقته بنا.

التربية ليست مجرد رد فعل على تصرفات الطفل، بل هي علم وفن.

كيف أتعامل مع الطفل العنيد وكثير البكاء؟

في إحدى الورش التدريبية التي قدمتها، جلست أمامي أم في منتصف الثلاثينات، كانت تحكي بحيرة:

ابني عنيد بشكل مرهق، وكمان كثير البكاء. أوقات بيبكي عالحاجة وهو مش عايزها أصلاً! حسيت إني وصلت لمرحلة فقدت فيها السيطرة.

ابتسمت وقلت لها:

مفيش أم أو أب مش بيمروا بالتجربة دي، لكن الفرق كله في طريقة التعامل.

الطفل العنيد كثير البكاء عادة لا يكون “سيئًا” كما نظن، بل يكون لديه احتياجات داخلية لم تُفهم بعد، أو مشاعر أكبر من قدرته على التعبير عنها بشكل سليم.

دعونا نغوص في أعماق هذا السلوك بطريقة مختلفة قليلاً.

أولًا: اعرفي أن العناد أحيانًا صرخة لطلب الاستقلال
الطفل حين يُكثر من الرفض أو الإصرار، هو في الحقيقة يحاول يقول: أنا كبرت! عايز أجرب بطريقتي.

مثال من الواقع:
طفلة عمرها ٤ سنوات، رفضت ترتدي الفستان الذي اختارته لها أمها، وأصرت على اختيار فستان آخر حتى لو لم يكن مناسبًا للطقس.
لو الأم أصرّت بالعنف، سيزيد العناد. لكن لو تركتها تجرب وتتحمل قليلاً من نتيجة اختيارها، ستتعلم بحرية، وتقل حدة العناد.

ثانيًا: البكاء ليس دائمًا تمثيلاً
من السهل أن نحكم بأن الطفل “يمثل” أو “يدلع”، لكن في الواقع البكاء وسيلة طبيعية جدًا للتعبير عن مشاعر الغضب أو الإحباط أو حتى التعب.

أتذكر موقفًا مع طفل عمره ٧ سنوات كان يبكي كثيرًا في الفصل لأي سبب تافه ظاهريًا.
عندما تعمقنا، اكتشفنا أن الطفل يعاني من قلق داخلي بسبب تغييرات أسرية يمر بها (طلاق الأبوين)، لكنه لا يستطيع التعبير إلا بالبكاء.

ثالثًا: تعامَل مع عناده بهدوء يحترم مشاعره
الهدوء هنا ليس ضعفًا، بل قوة حقيقية.
حين يتمسك الطفل برأيه، لا تدخل معه في معركة كسر إرادات. بل استخدم طريقة “الخيارات المحدودة”.

مثلًا:
بدل أن تقول له: “البس البنطلون ده وخلاص”، قل له: تحب تلبس البنطلون الأزرق ولا الرمادي؟

بهذه الطريقة يشعر الطفل أنه يختار، بينما أنت توجهه بهدوء.

رابعًا: لا تربط الاستجابة لبكائه بالابتزاز العاطفي
إذا بكى الطفل للحصول على ما يريد، لا تستسلم للبكاء حتى لا يرسخ داخله أن البكاء سلاح.
لكن في نفس الوقت، لا تهمله. اقترب منه، طمئنه، ووضح له أن البكاء لن يغير القرار، ولكنك موجود لسماعه واحتوائه.

مثال عملي:

أنا شايف إنك زعلان وبتبكي عشان عايز اللعبة دي، بس النهاردة مش هنشتري ألعاب. لما تهدأ، نحكي مع بعض ونتكلم عن اللي مضايقك.

خامسًا: خذوا الأمر كرحلة تعليم، مش معركة

تعامل مع كل موقف عناد أو بكاء وكأنه فرصة لتعليم طفلك مهارة جديدة:

  • مهارة التعبير عن مشاعره.

  • مهارة اتخاذ القرار.

  • مهارة الصبر والتفاوض.

كل هذه مهارات لا يتعلمها الطفل فجأة، بل مع التكرار، والاحتواء، والصبر العميق من الأهل.

وهنا أحب أوصل لك رسالة مهمة بلغة بسيطة لكن عميقة:

الطفل العنيد وكثير البكاء لا يحتاج إلى أب أو أم أقوى منه، بل يحتاج إلى أب أو أم أذكى منه في الحب والاحتواء.

واسمح لي هنا أن أوضح بطريقة غير مباشرة:
التعامل مع الطفل العنيد علم كبير ودقيق.
ومهما كانت خبرتك كأب أو أم، دائما التعلم والاطلاع على أساليب تعديل السلوك الحديث يفتح لك أبواب جديدة لفهم طفلك بشكل أفضل.
الاستثمار في التعلم ليس رفاهية، بل هو هدية عظيمة تقدمها لطفلك ولنفسك.

هل تجاهل الطفل عقاباً له وسيلة ناجحة؟

في إحدى الجلسات مع أحد الأمهات، قالت لي:

كل ما ابني يعاند أو يعمل حاجة غلط، أنا بطنشه أو أتجاهله. لكن هو دايمًا بيرجع يعمل نفس الخطأ! هل الطريقة دي فعّالة؟

ابتسمت وقلت لها:

تجاهل السلوك السيء يمكن يكون طريقة فعّالة في بعض الحالات، ولكن لازم نفهم أولًا كيف ولماذا نستخدمها.

تجاهل السلوك السيء يعتبر من أساليب تعديل السلوك التي قد تكون مفيدة، لكنها ليست دائمًا الحل الأمثل في كل المواقف. لنفهم هذا أكثر من خلال بعض المواقف الحقيقية التي توضح لنا كيفية تطبيق هذه الطريقة، وأين تنجح وأين تفشل.

أولًا: متى يكون تجاهل السلوك السيء فعّالًا؟

🔵 في السلوكيات التي تهدف لجذب الانتباه:
الطفل الذي يتعمد الصراخ أو افتعال مشاجرات مع إخوته كي يحصل على الانتباه، يكون التجاهل هنا وسيلة فعّالة.

مثال واقعي:

كانت هناك طفلة عمرها ٥ سنوات، كلما شعرت بأن أمها مشغولة أو تتحدث مع شخص آخر، تبدأ بالصراخ أو البكاء لإيقاف المحادثة وجذب الانتباه إليها.
حينما توقفت الأم عن الاستجابة لهذه الصرخات وركزت في محادثاتها مع الآخرين، توقفت الطفلة عن استخدام هذه الطريقة.

🔵 عندما لا يكون السلوك ضارًا أو خطرًا على الطفل:
في بعض الأحيان، الطفل يعبر عن مشاعر الغضب أو الإحباط بأسلوب غريب مثل رمي الألعاب أو التمرد على تعليمات معينة، لكن هذا السلوك لا يضر بالصحة أو بالآخرين. في هذه الحالات، يمكن لتجاهل السلوك أن يكون وسيلة لتعليم الطفل أنه لا يحصل على مكافآت أو انتباه عندما يظهر هذا السلوك.

ثانيًا: متى يجب الحذر من تجاهل السلوك السيء؟

🔵 في السلوكيات التي تمثل خطرًا على الطفل أو على الآخرين:
إذا كان السلوك يؤذي الطفل أو يسبب له ضررًا جسديًا أو نفسيًا، فإن التجاهل هنا ليس هو الحل.
مثال:
إذا كان الطفل يصرخ بطريقة تسبب له الأذى، أو إذا كان يبدأ في سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين، لا ينبغي تجاهل هذه التصرفات، بل يجب التدخل بشكل فوري وتوضيح العواقب.

🔵 عندما يتعلق الأمر بالعواطف أو الاحتياجات العاطفية:
إذا كان الطفل يبكي لأن هناك شيء يؤلمه أو يشعر بالحزن الشديد، فإن تجاهله قد يزيد من معاناته. في هذه الحالات، من الأفضل أن يكون لديك استجابة تتناسب مع مشاعره وتوفر له الطمأنينة، بدلًا من تجاهله.

ثالثًا: كيف أستخدم التجاهل بشكل صحيح؟

🔵 التجاهل لا يعني الإهمال:
التجاهل يعني عدم الاستجابة للسلوك السيء فقط، ولكن مع الاستمرار في تقديم الدعم العاطفي والمعنوي للطفل. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يصرخ للحصول على شيء، تجاهل الصراخ وأظهر له بدلاً من ذلك الطريق السليم للتواصل.

🔵 التجاهل لا يعني الصمت التام:
إنما المقصود هو عدم الاستجابة للسلوك السلبي مباشرة. لكن يمكن لك أن تعزز السلوك الجيد في نفس الوقت من خلال مكافأته عندما يتصرف بشكل إيجابي.
على سبيل المثال، إذا كنت تتجاهل صراخ الطفل، ولكن عندما يهدأ ويتصرف بهدوء، تعطيه مكافأة أو مديحًا، فذلك يعزز من سلوكه الجيد.

🔵 التزام الصبر:
أحيانًا قد لا ينجح التجاهل فورًا، وقد يستمر الطفل في محاولة لفت انتباهك عبر سلوكه السيء. في هذه الحالة، لا تتسرع في الرد، بل استمر في تجاهل السلوك بشكل هادئ وثابت حتى يتعلم الطفل أن سلوكه هذا لن يجلب له النتائج التي يريدها.

رابعًا: بدائل أخرى للتجاهل

التجاهل ليس هو الحل الوحيد في التربية، بل يجب استخدامه كجزء من خطة شاملة:

🔵 تقديم خيارات واضحة:
عندما يصر الطفل على فعل شيء ما، قدم له خيارات. هل تريد أن تلعب الآن أم تذاكر دروسك أولًا؟

🔵 وضع قواعد واضحة وثابتة:
من المهم أن يكون هناك نظام في البيت. عندما يعرف الطفل القواعد، سيكون أكثر استعدادًا للتعاون والالتزام بها.

التجاهل هو أداة تربوية يمكن أن تكون فعّالة جدًا في مواقف معينة، لكنها ليست الحل السحري.
والاستخدام الصحيح لهذه الأداة يعتمد على فهمنا العميق لسلوك الطفل واحتياجاته النفسية والعاطفية.

كيف أجعل أطفالي يسمعون الكلام دون استخدام الضرب؟
كيف أجعل أطفالي يسمعون الكلام دون استخدام الضرب؟

لطالما كان هذا السؤال يشغل الكثير من الأمهات والآباء: كيف يمكنني جعل أطفالي يسمعون الكلام ويتبعون التعليمات دون اللجوء إلى الضرب؟ في الواقع، إن التربية الفعّالة تحتاج إلى أساليب مرنة تساهم في بناء العلاقة بينك وبين طفلك، وتحترم مشاعره، وتساعده على تعلم السلوك الجيد بطريقة صحية. إليك بعض الطرق الفعّالة التي يمكن أن تساعدك في جعل أطفالك يسمعون الكلام دون الحاجة للضرب.

1. قدّم نموذجًا إيجابيًا:
الأطفال يتعلمون من خلال المحاكاة، ولذا إذا كنت ترغب في أن يسمعوا كلامك، عليك أن تكون قدوة لهم. إذا كنت ترغب في أن يتحدثوا بلطف، يجب أن تتحدث معهم بلطف. إذا كنت تريدهم أن يتبعوا التعليمات، عليك أن تظهر لهم كيف يكون الالتزام بالقرارات.

مثال واقعي:
كنت في زيارة لأحد الأصدقاء، وكانت لديه طفلة في السابعة من عمرها. كان الأب يطلب منها أن تقوم بترتيب غرفتها، وقال بهدوء:

أنا أعلم أن هذا ليس ممتعًا، لكن إذا قمتِ بترتيب الغرفة الآن، سيكون لديك وقت للعب بعد ذلك.

وكان يتبع كلامه مع أفعال تظهر أنه مستعد أيضًا للعمل. كانت الطفلة تستجيب بشكل جيد، لأنها تعلمت منه أن الالتزام بالتعليمات ليس أمرًا صعبًا، بل يمكن أن يكون مجزيًا.

2. استخدم أسلوب الحوار بدلاً من الأوامر:
الأطفال لا يحبون الأوامر القاطعة التي تجعلهم يشعرون بأنهم تحت الضغط. ولكن إذا حولت طلبك إلى حوار بسيط، سيكون من الأسهل عليهم سماع الكلام وتنفيذه.

مثال واقعي:
عند طلبك من الطفل أن ينهي واجباته المدرسية، بدلاً من أن تقول:

افعل الواجب الآن! قل :

 كيف تشعر بخصوص الواجب؟ هل ترغب في أن نضع خطة لإنهائه معاً؟

هكذا، يشعر الطفل أنك تشاركه في القرار، وليس فقط تفرض عليه أمرًا. سيتعلم الاستجابة بإيجابية عندما يشعر بأن له رأيًا في الأمر.

3. استخدم المكافآت لتعزيز السلوك الجيد:
الطفل يحب المكافآت، سواء كانت معنوية أو مادية، وهي من الطرق الفعّالة التي تشجع الطفل على اتباع التعليمات. ولكن من المهم أن تكون المكافآت متناسبة مع السلوك.

مثال واقعي:
طفل في عمر 6 سنوات كان يتأخر دائمًا في الاستيقاظ صباحًا. بدلاً من فرض العقوبات، قرر الوالدان تحديد وقت نوم ثابت، ووعدوه إذا استيقظ في الوقت المحدد، سيحصل على مكافأة صغيرة مثل اختيار برنامج التلفزيون المفضل له. بدأ الطفل يستجيب بشكل جيد لهذه الطريقة، وأصبح يستيقظ باكراً.

4. اعتمد على العواقب الطبيعية:
العواقب الطبيعية هي أحد الأساليب الفعّالة التي لا تتضمن عقابًا ماديًا. إذا قام الطفل بسلوك غير مرغوب فيه، دعه يتحمل تبعاته الطبيعية. هذا يعلم الطفل أن أفعاله لها نتائج، وهو أداة قوية لتعديل السلوك.

مثال واقعي:
عندما رفض طفل في الخامسة من عمره إتمام طعامه على مائدة الطعام، قال له والده:

إذا لم تأكل طعامك الآن، فلن تتمكن من اللعب بعد ذلك.

في اليوم التالي، لم يكن لدى الطفل طاقة كافية للعب بسبب رفضه للطعام، فتعلم أن عدم إتمام الطعام يؤدي إلى تأثيرات مباشرة على نشاطاته المفضلة.

5. تحدث بلغة بسيطة ومباشرة:
أحيانًا يكون الأطفال في حالة من التشتت بسبب كثرة الكلام أو الشرح المبالغ فيه. يجب أن تتحدث بلغة بسيطة واضحة، دون تعقيد، حتى يتمكنوا من استيعاب ما تقول.

مثال واقعي:
كنت في أحد المجتمعات الصغيرة وشاهدت أمًّا تطلب من طفلها أن يساعدها في جمع الألعاب. قالت له:

العب الآن ثم اجمع الألعاب بعد خمس دقائق.

ببساطة، حددت وقتًا واضحًا وصريحًا، وسمحت له باللعب أولاً. هذا جعل الطفل أكثر استعدادًا لتنفيذ طلبها بعد انتهاء الوقت المحدد.

6. تعزيز الاستقلالية والاختيارات:
عندما يشعر الطفل بأنه قادر على اتخاذ بعض القرارات بنفسه، فإنه سيشعر بالمسؤولية والالتزام أكثر. اعطِ طفلك فرصة للاختيار بين بدائل مختلفة ضمن الحدود التي تحددها.

مثال واقعي:
كان الطفل دائمًا ما يتذمر من ارتداء الملابس التي يختارها له والديه. فقررت والدته أن تعطيه خيارًا بين اثنين من الملابس المناسبة لعمره:

هل تريد أن ترتدي القميص الأزرق أم الأحمر؟

من خلال إعطائه خياراً، شعر الطفل بأنه يملك السيطرة على قراره، وأصبح يلتزم بسهولة أكثر.

جعل الأطفال يسمعون الكلام دون اللجوء إلى الضرب يتطلب بعض الصبر والمرونة، وأهم شيء هو بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل. أسلوب الحوار، وتقديم المكافآت، واستخدام العواقب الطبيعية، وتوضيح التعليمات بطريقة واضحة، كلها أساليب تساهم في تحقيق هذا الهدف.

ولذلك، فإن التربية ليست مجرد أساليب قسرية، بل هي علم يحتاج إلى التعلم المستمر. من المفيد لك كأب أو أم أن تتعلم دائمًا طرقًا جديدة لإدارة سلوكيات الأطفال بطريقة فعّالة، ويمكنك الاستفادة من الدورات التدريبية التي تقدم في هذا المجال لتعزيز مهاراتك التربوية.

تأثير البيئة والتربية على سلوك الطفل العنيد

يعتبر سلوك العناد عند الأطفال من السلوكيات الشائعة التي قد تثير القلق لدى الآباء والأمهات، ولكن ما قد يغفله الكثيرون هو أن البيئة والتربية لهما تأثير كبير في تشكيل هذا السلوك. يمكن أن يكون العناد مجرد رد فعل طبيعي لبعض الظروف التي يمر بها الطفل، ولكن عندما يصبح سلوكًا مزمنًا، يجب فحص البيئة المحيطة والتربية المتبعة بعناية.

دعونا نتناول معًا كيف يمكن أن تؤثر البيئة والتربية في سلوك الطفل العنيد.

1. البيئة المنزلية:

البيئة التي ينشأ فيها الطفل هي واحدة من العوامل الأساسية التي تؤثر على سلوكه. يمكن أن تكون البيئة المحيطة بالطفل، سواء كانت هادئة ومستقرة أو مليئة بالتوترات، سببًا في نشوء سلوكيات عنيدة.

مثال واقعي: في أحد الأحياء الهادئة، كان الطفل “محمود” في عمر 4 سنوات، وكان دائمًا ما يظهر سلوكًا هادئًا ومتعاونًا. ولكن مع انتقاله إلى منزل جديد في حي أكثر صخبًا، بدأ يظهر سلوك العناد بشكل ملحوظ. كان السبب الرئيسي هو زيادة الضغوط والمشاكل الأسرية التي كانت تنعكس على سلوكه.

الشرح: إذا كانت البيئة المنزلية غير مستقرة أو مليئة بالتوترات مثل الخلافات المستمرة بين الوالدين، أو غياب بعض الأفراد المهمين (مثل الأب أو الأم)، فهذا يمكن أن يؤدي إلى مشاعر من القلق لدى الطفل. هذه المشاعر قد تظهر في شكل سلوك عنيد، خاصة إذا كان الطفل يحاول جذب الانتباه أو فرض السيطرة على الوضع غير المستقر.

2. أسلوب التربية المتبع:

التربية الجافة أو القاسية، أو العكس، التربية المفرطة في تدليل الطفل، يمكن أن تساهم بشكل كبير في تكوين سلوك العناد. الأطفال الذين ينشأون في بيئة تتسم بالتحكم المفرط أو اللامبالاة، يكتسبون عادات وسلوكيات تعكس ذلك.

مثال واقعي: الطفلة “سارة” البالغة من العمر 6 سنوات كانت دائمًا ما تتصرف بشكل عنيد في المدرسة. وعندما سُئلت أمها عن طريقة تربيتها، أكدت أنها دائمًا كانت تلبّي طلبات سارة بسرعة ودون رفض، خوفًا من إغضابها. وقد أدى ذلك إلى أن الطفل تعلم أن السلوك العنيد هو السبيل للحصول على ما تريد، وأصبح تجد صعوبة في التكيف مع أي رفض أو “لا”.

الشرح: عندما يتعامل الآباء مع الطفل بمنهجية قاسية جدًا، مثل الصراخ المستمر أو العقاب الجسدي، يمكن أن يتطور لدى الطفل شعور بالتحدي والتمرد. أما في حالة التدليل المفرط، فقد يعتقد الطفل أن سلوكاته السلبية ستؤدي إلى الحصول على كل ما يريد، مما يعزز العناد. الحل هنا هو إيجاد التوازن بين الحزم والمرونة في التعامل مع الطفل.

3. التواصل بين الوالدين:

التواصل بين الوالدين له دور محوري في توجيه سلوك الطفل. عندما يكون الوالدان على اتفاق وتنسيق في التعامل مع الطفل، يشعر الطفل بالأمان والاستقرار، ما يقلل من سلوك العناد.

مثال واقعي: “محمد” في السابعة من عمره كان دائمًا ما يظهر سلوك العناد مع والدته، حيث كانت تطلب منه إتمام الواجبات الدراسية، لكنه كان يرفض بشدة. وعندما تحدثت الأم مع الأب، اكتشفت أنه كان يقدم لابنه وعدًا مكافأته في كل مرة لا يقوم فيها بالواجب، بينما كانت هي تتبنى أسلوب العقاب. هذا التباين في الأسلوب بين الوالدين كان يزيد من تمرد الطفل وتحديه.

الشرح: التناقض في أسلوب التربية بين الوالدين يمكن أن يربك الطفل، ويجعله يتعلم كيف يلعب على اختلافات كل طرف. في مثل هذه الحالات، من الضروري أن يتوافق الوالدان في طريقة التعامل مع الطفل ووضع قواعد واضحة ومتماسكة، ما يساهم في تقليل سلوك العناد.

4. التأثيرات الثقافية والاجتماعية:

الأطفال يتأثرون بمحيطهم الاجتماعي والثقافي. إذا كانت البيئة المحيطة مليئة بالأمثلة السيئة أو نماذج سلبية من السلوك، فإن ذلك قد يحفز الطفل على تقليد هذه السلوكيات العنيدة. في بعض المجتمعات، قد يكون هناك تأثيرات ثقافية تشجع على التمرد على القواعد أو التحدي للأكبر سنًا.

مثال واقعي: في إحدى المجتمعات، كان هناك تقليد قوي بأن الطفل يجب أن يظهر استقلاليته بشكل مبالغ فيه منذ سن صغيرة. نتيجة لذلك، كان الأطفال يرفضون التعليمات أو الطلبات التي تأتي من الوالدين والمعلمين لأنهم يشعرون بأنه يجب أن يكون لديهم حرية مطلقة.

الشرح: التأثيرات الاجتماعية قد تجعل الطفل يعتقد أن التمرد أو العناد جزء من استقلاليته. من المهم أن يزرع في الطفل قيمة الاحترام للقواعد والحدود، وأن يتعلم كيف يتفاعل مع البيئة بطريقة صحية.

5. التقنيات التربوية الحديثة:

في عصرنا الحالي، يمكن للتكنولوجيا ووسائل الإعلام أن تؤثر بشكل كبير على سلوك الطفل. تعرض الطفل لمحتوى غير مناسب أو مفرط من البرامج العنيفة قد يساهم في تشكيل سلوكياته بشكل سلبي.

مثال واقعي: كان “أحمد” دائمًا ما يتشاجر مع إخوته، وعندما تم فحص سلوكه، تبين أنه يقضي وقتًا طويلًا أمام شاشات التلفزيون أو الألعاب الإلكترونية التي تعرض مشاهد من العنف أو الخلافات بين الشخصيات. لاحظت الأم أن سلوكه أصبح عنيدًا وعنيفًا أيضًا.

الشرح: البيئة التكنولوجية الحديثة تساهم في تقوية بعض السلوكيات العنيدة، خصوصًا إذا تعرض الطفل لمحتوى غير مناسب. من المهم أن يتم تحديد وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل، لضمان أن يكون له تأثير إيجابي.

خلاصة القول:

إن البيئة والتربية هما عنصران أساسيان في تشكيل سلوك الطفل. من خلال توفير بيئة منزلية مستقرة وداعمة، واعتماد أساليب تربية متوازنة، يمكن الحد من سلوك العناد. إذا كان الوالدان قادرين على توفير بيئة مليئة بالحب والتفاهم، فسوف يساعد ذلك الطفل في تعلم كيفية التعامل مع تحديات الحياة بشكل إيجابي دون اللجوء إلى التمرد أو العناد.

من المهم أيضًا أن يكون لدى الآباء معرفة بأحدث تقنيات وأساليب تعديل السلوك، مما يعزز من قدرتهم على التعامل مع سلوكيات الطفل العنيد بشكل أكثر فعالية. ولعل من المفيد لك كأب أو أم أن تسعى دائمًا للبحث عن تدريب وتطوير مهاراتك التربوية لضمان تربية صحية وسليمة لأطفالك.

للإشتراك بدبلوم تعديل لسلوك

Scroll to Top